عُشاق المستديرة على وجه البسيطة ينتظرون الاستحقاق العالمي الأبرز كأس العالم لكرة القدم كل أربع سنوات بشغف ولهف من أجل متعة كروية حقيقية، وفي الوقت نفسه يبحثون عمّا يشبع نهمهم بواسطة نجوم المنتخبات المشاركة في المونديال، ولعل أربعة لاعبين من أبرز نجوم الأندية والمنتخبات الأوروبية تُعلق الجماهير الرياضية عليهم آمالاً عريضة في تقديم المستويات الفنية العالية، وتسجيل الأهداف المنتظرة الجميلة.
من بينهم أفضل لاعب في العالم لعام 2009، مهاجم المنتخب الأرجنتيني وبرشلونة الإسباني ليونيل ميسي، ولا يقل شأن عنه أفضل لاعب في العالم لعام 2008 مهاجم ريال مدريد والمنتخب البرتغالي كريستيانو رونالدو، مرورا بنجم بايرن ميونيخ والمنتخب الفرنسي فرانك ريبيري، وصولاً إلى نجم ريال مدريد والمنتخب البرازيلي كاكا.
ومع زخم هؤلاء النجوم وشهرتهم وثروتهم الفنية والمادية، إلا أنهم عجزوا في مباريات الجولة الأولى في مونديال 2010 في جنوب إفريقيا عن تحقيق التطلعات الجماهيرية المنتظرة منهم، ولم تمطر سماء أقدامهم ولا ينابيع رؤوسهم أهدافاً في شباك الخصوم، وصاموا عن ذلك وكأنه صيام الجوع المحزن الذي تعيشه إفريقيا.
الفتى الذهبي ميسي حاول أن يسجل غير مرة أمام منتخب نيجيريا لكن محاولاته باءت بالفشل على الرغم من أنه قدم في بعض أجزاء من المقابلة أداءً جيداً، لكنه ليس ذلك المستوى الذي يتطلع إليه عشاقه، ما جعله يقول أن الحظ لم يخدمه كثيراً.
لكن المدير الفني دييغو أرماندو مارادونا أكد أن ميسي لعب كما طلب منه. ونجح مارادونا في خلق جو مناسب بين اللاعب وبقية المجموعة، لكن عائلته ظلت حزينة في تلك الأمسية لأنها تتمنى من ابنها الصغير أن ينجح في تسجيل الأهداف ويوطد علاقته بالجماهير الأرجنتينية التي دائماً ما تتهمه بأنه لا يحب المنتخب كونه لا يلعب فيه بالمستوى الذي يقدمه مع برشلونة الإسباني، بينما أكد ميسي أنه يلعب بمجموعة واحدة هدفها خدمة منتخب الأرجنتين.
ويُعتبر ميسي من أكثر لاعبي المنتخبات المشاركة في المونديال محط أنظار الجماهير والنقاد والمحللين، وبالتالي فإن الآمال معقودة عليه في أن يقدم صورة مشرقة مع أهدافه الساحرة في الجولة المقبلة.
وكان ماردونا وضع خطة بسيطة لميسي تقضي بحصوله على الكرة قدر الإمكان كي يستمتع بتشكيل الهجمات، وقال مارادونا: "أريد أن يكون ميسي قريباً للغاية من الكرة.. لقد أضفى سحراً على الملعب اليوم".
أما البرتغالي كرستيانو رونالدو فعلى الرغم من أنه حصد لقب أفضل لاعب في مباراة منتخب بلاده أمام كوت ديفوار وقدم مستوى فنياً لا بأس به، ووقف قائم مرمى الخصم ضد تسديده في المباراة إلا أن المتابعين لرحلة اللاعب يدركون جيداً أنه لازال لديه الكثير الذي لم يقدمه في أولى مواجهات منتخب البرتغال في كأس العالم في نسختها الـ19.
ولازالت الجماهير تنتظر منه تسجيل الأهداف خصوصاً أنه هداف من طراز رفيع قدم مستويات مذهلة مع ريال مدريد، راوغ دفاع الخصم وسجل الأهداف، كيف لا؟ وهو أفضل لاعب في العالم لعام 2008.
وعلى رغم أن كريستيانو يحاول الحفاظ على هدوئه قدر الإمكان وأن لا يجعل للتوتر طريقاً إلى فكره، إلا أنه بكى كثيراً بعد هزّه لشباك الخصوم مع منتخب بلاده لأكثر من 15 شهراً.
فهداف ريال مدريد في الموسم الماضي برصيد 33 هدفاً في 35 مباراة في الموسم الماضي لم ينجح في إحراز أي هدف في مباريات منتخب بلاده السبع التي خاضها في التصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال، خصوصاً أن بعضها جاء أمام منافسين متواضعة مستوياتهم مثل ألبانيا أو مالطا.
وكان الهدف الذي سجله خلال المباراة الودية أمام فنلندا العام الماضي هو الوحيد له في عهد المدير الفني كارلوس كيروش، وجاء من ضربة جزاء، بينما صام مع منتخب بلاده في المواجهات الرسمية منذ البطولة الأوروبية، وأصابه عقم التهديف منذ أن سجل آخر أهدافه في مباراة رسمية يوم 11 حزيران (يونيو) عام 2008 خلال الفوز 3/1 على جمهورية التشيك في الدور الأول من بطولة الأمم الأوروبية عام 2008.
ويحاول أفضل لاعب في العالم لعام 2009 أن يكون أكثر هدوءاً واتزاناً وهو يرمي الألقاب الشخصية بعيدة عنه كلقب الهداف أو لقب أفضل لاعب في كأس العالم، ويؤكد أن خدمة منتخب بلاده وقيادته لمراكز متقدمه هم ما يشغل باله بالدرجة الأولى ورفض ما طرحه الاعلام والنقاد أن يزج اسمه كمنافس لميسي وقال: "لا أرى ميسي كمنافس، بل كزميل مهنة، هو سيحاول تقديم الأفضل لفريقه وأنا سأفعل نفس الشيء مـع فريقي".
صاحب الـ22 هدفاً مع منتخب بلاده يطمح إلى زيادة غلته من الأهداف الدولية في مواجهات فريقه المتبقية في المجموعة السابعة إلى دوار البرازيل وساحل العاج وكوريا الشمالية.
أما فرانك ريبيري، فقد خيّب آمال محبي المنتخب الفرنسي وفقد رائحة عطر المستويات الفنية الراقية في الآونة الأخيرة وتكالبت عليه المشاكل من كل حدب وصوب ويبدو أن فضيحته الأخيرة أثرت عليه نفسياً كثر وواجه متاعب مع عائلته خصوصاً زوجته، وإذ إن بعض أفراد العائلة ذمّوه كثيراً واتهموه بجلب العار إليهم ما حدا به إلى توجيه اعتذاره لهم بواسطة الاعلام.
نجم بايرن ميونخ ظهر بمستويات متواضعة جدا في أولى مواجهات منتخب بلاده أمام الأوروغواي ولم ينجح في ترجيحه، بل إن موقع مجلة "فرانس فوتبول" منحته 3 درجات من 10 نظير أدائه الفني، وغاب عن تحركاته المعهودة وأهدافه الجميلة، وجاءت تمرير المقطوعة عالة على مستوى المنتخب باستثناء "تمريرته العرضية لغوفو في البداية، وقدم مباراة معقدة وأهدر تقريباً جميع الكرات التي لمسها حتى عندما لعب في قلب الهجوم خلال ربع الساعة الأخير. "إنها خيبة أمل حقيقة وعلامة استفهام لباقي البطولة".
لذلك فإن ريبيري مُطالب بمراجعة حساباته داخل الملعب وتحسين صورته الفنية حتى يعيد الابتسامة لجماهير بلاد العطور، ويخلق عربون ثقة مع زوجته، إلى جانب مسح صورة مستواه الفني وسلوكه السيئ وقيادة منتخب بلاده إلى أدوار مشرفة في مونديال جنوب إفريقيا.
أما المهاجم البرازيلي كاكا، لاعب ريال مدريد الإسباني، فكان أقل المهاجمين الأربعة من حيث وطأة الغضب الجماهيري بداعي علاقته الوطيدة مع الإصابات التي ظلت تلاحقه في الموسم الماضي مع ناديه الملكي، وكان آخر نحس هذه الإصابات قبل شهر من الآن عندما أصيب في فخذه وكاد أن يكون خارج حسابات المدرب دونغا في مونديال جنوب إفريقيا، ولكن سرعة التأهيل الطبي لإصابته جعلته يلعب في أول مباراة رسمية وقتاً جيداً مقارنة بفترة انقطاعه عن المباريات.
وإن لم يخض رجل الدين- كما يحلو له تلقيب نفسه بهذه التسمية- مباراة كاملة مع منتخب بلاده أمام منتخب كوريا الشمالية إلا أن الفريق الطبي والفني رأى أنها مشاركة ضرورية ملحة وتجهيزه للأفضل في منافسات المجموعة، ومع ذلك فإن جماهير وعشاق كرة السامبا تنتظر حضوره الفني المشرق في المقابلات المقبلة، وربما تلتمس له العذر في المقابلة الأولى أمام كوريا الشمالية، لكنها لن تمنحه هذا العذر في مواجهات المنتخب البرازيلي أمام منتخبي ساحل العاج والبرتغال.
وتخشى الجماهير الغفيرة التي تتابع المونديال في ملاعب جنوب إفريقيا أو من خلف الشاشات الفضية أن يستمر جفاف التهديف عند هؤلاء النجوم في مباريات الجولة الثانية، وهو ما لا يتمناه هؤلاء اللاعبون أنفسهم إذ يسعون إلى تحسين صورتهم والظهور بمستويات فنية تليق بسمعتهم الكروية، وتسجيل الأهداف في شباك الخصوم وقيادة منتخباتهم تجاه المنافسة على اللقب العالمي.