عندما تنطلق فعاليات بطولة كأس العالم 2010 لكرة القدم في جنوب أفريقيا يوم 11 حزيران/يونيو المقبل ، يتطلع عشاق الساحرة المستديرة إلى فصل جديد من المتعة والإثارة بعدما أسفرت التصفيات عن فصول عديدة من الإثارة والدرامة بكل سعادتها ومآسيها لتفرز 32 منتخبا يتصارعون في النهائيات.
وعلى مدار أكثر من عامين ، دخلت جميع منتخبات العالم في صراع محتدم على بطاقات التأهل للنهائيات لتسفر عن تأهل 32 فريقا معظمها من أفضل المنتخبات في العالم ولكنها تضم أيضا بعض الأسماك الصغيرة أو الفرق التي لم تحظ بترشيحات كبيرة قبل بداية التصفيات.
وفي المقابل سقطت منتخبات أخرى كانت مرشحة بقوة لبلوغ النهائيات حيث عاندها الحظ لتغيب عن النهائيات.
في أوروبا ، شقت منتخبات الدنمارك وإنجلترا وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا والبرتغال وصربيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وأسبانيا وسويسرا طريقها إلى النهائيات حيث تستحوذ القارة العجوز على 13 من مقاعد النهائيات.
ولم تجد منتخبات أسبانيا بطلة أوروبا وهولندا المرشحة دائما وإنجلترا بقيادة مديرها الفني الصارم الإيطالي فابيو كابيللو عناء كبيرا في التأهل للنهائيات حيث وصلت بجدارة وبعد انتصارات مثيرة حققتها في التصفيات.
وينطبق ذلك على منتخبي صربيا والدنمارك رغم أن الأخير لم يكن مرشحا بقوة لبلوغ النهائيات مباشرة من مجموعة تضم معه منتخبي السويد والبرتغال.
بينما وجدت ألمانيا منافسة عنيدة من المنتخب الروسي في مجموعتهما بالتصفيات قبل أن تشق طريقها للنهائيات وهو ما ينطبق على إيطاليا أيضا رغم كونها حامل لقب البطولة.
وكانت قمة الإثارة في التصفيات الأوروبية خلال الملحق الفاصل والذي شهد مزيدا من الإثارة كان أبرز أبطالها هو المنتخب الفرنسي الذي حجز بطاقته للنهائيات على حساب نظيره الأيرلندي وذلك بهدف جاء بعد لمسة يد واضحة من المهاجم الفرنسي المخضرم تييري هنري.
وباءت جميع محاولات الأيرلنديين لإعادة المباراة بالفشل ليحجز المنتخب الفرنسي ، وصيف البطولة الماضية ، مقعده في النهائيات بهدف غير صحيح.
ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقع خروج المنتخب الروسي صفر اليدين من الملحق الفاصل أمام المنتخب السلوفيني خاصة وأن المنتخب الروسي كان ندا عنيدا للألمان على مدار التصفيات.
بينما نجح المنتخبان البرتغالي واليوناني ، طرفا المباراة النهائية لبطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2004) ، في بلوغ نهائيات مونديال 2010 بعد أن عبرا الملحق الأوروبي بنجاح.
وفي أمريكا الجنوبية ، كان المنتخب الأرجنتيني هو مكمن الإثارة حيث كان مهددا بالغياب عن النهائيات أو على الأقل خوض الملحق الفاصل ولكنه حجز مقعده في النهائيات من خلال الجولة الأخيرة بالتصفيات.
وعانى المنتخب الأرجنتيني الأمرين على مدار التصفيات على الرغم من مجموعة اللاعبين المتميزين الذين يضمهم الفريق وفي مقدمتهم ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم ومهاجم برشلونة الأسباني.
وكانت الانتقادات العنيفة التي وجهت للمدرب ألفيو باسيلي سببا في رحيله من تدريب الفريق ليتولى الأسطورة دييجو مارادونا مسئولية الفريق في أواخر تشرين أول/أكتوبر 2008 .
لكن مارادونا الذي قاد الفريق كلاعب إلى الفوز بلقب البطولة عام 1986 لم يستطع كالمتوقع ، بخبرته التدريبية الهزيلة ، تحقيق طفرة في أداء أو نتائج راقصي التانجو حيث سقط في ثاني مبارياته الرسمية مع الفريق أمام المنتخب البوليفي 1/6 ليتأزم موقف الفريق بشكل أكبر قبل أن يستعيد بعضا من توازنه ويستفيد من إخفاقات الآخرين في حجز مقعده بالنهائيات.
وأسفرت التصفيات عن تأهل منتخبات البرازيل وشيلي وباراجواي والأرجنتين مباشرة من قارة أمريكا اللاتينية بينما خاض منتخب أوروجواي صاحب المركز الخامس دورا فاصلا مع منتخب كوستاريكا صاحب المركز الرابع في تصفيات اتحاد كونكاكاف (أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي) ليحجز مكانه في النهائيات.
وفي القارة الأفريقية ، حجز منتخب جنوب أفريقيا مكانه في النهائيات بغض النظر عن موقفه في التصفيات حيث يشارك بصفته ممثل الدولة المضيفة في أول كأس عالم للكبار تقام بالقارة السمراء.
ورغم ذلك خاض منتخب جنوب أفريقيا التصفيات لأنها تصفيات مزدوجة يحتاجها أيضا للمشاركة في كأس أفريقيا 2010 بأنجولا ولكنه خرج صفر اليدين من المرحلة الأولى بالتصفيات ليغيب عن كأس أفريقيا التي أقيمت مطلع هذا العام ويفتقد فرصة جيدة لاستعدادات أكثر جدية قبل خوض المونديال على أرضه.
وبعيدا عن أصحاب الأرض ، حجزت أفريقيا خمسة مقاعد أخرى في النهائيات كانت من نصيب منتخبات كوت ديفوار وغانا ونيجيريا والكاميرون والجزائر.
ولم يجد منتخبا كوت ديفوار وغانا أي صعوبة في التصفيات حيث حجزا مقعديهما في النهائيات عن جدارة ليشاركا في النهائيات للمرة الثانية على التوالي وهي الثانية أيضا في تاريخ كل من الفريقين.
أما المنتخب الكاميروني فعانى كثيرا في البداية قبل أن ينتفض من ثباته وينتزع صدارة مجموعته من الجابون التي كانت إحدى مفاجآت التصفيات حيث كانت المنافس الأبرز لأسود الكاميرون رغم وجود المنتخب المغربي (أسود الأطلسي) في نفس المجموعة.
وكان المنتخب النيجيري (النسور) قاب قوسين أو أدنى من الغياب عن النهائيات للمرة الثانية على التوالي ولكن الجولة الأخيرة من التصفيات منحته بطاقة التأهل للنهائيات إثر فوزه على كينيا بملعبها وسقوط المنتخب التونسي (نسور قرطاج) أمام المنتخب الموزمبيقي.
ولا يختلف اثنان على أن خروج المنتخب المغربي من التصفيات صفر اليدين كان واحدة من المفاجآت الكبيرة ولكن الإثارة الأكبر جاءت من المنافسة الشرسة بين المنتخبين المصري والجزائري على بطاقة المجموعة الثالثة في التصفيات.
واتجهت معظم الترشيحات قبل بداية التصفيات لصالح المنتخب المصري (أحفاد الفراعنة) ولكن البطاقة ذهبت في النهائية إلى (محاربي الصحراء) بعد أحداث عديدة مثيرة ومباراة فاصلة في أم درمان بالسودان.
وأصبح المنتخب الجزائري هو الممثل الوحيد لكرة القدم العربية في مونديال 2010 بخروج منتخبات الشمال الأفريقي والسودان تباعا من التصفيات وسقوط جميع المنتخبات العربية في التصفيات الأسيوية.
وللمرة الأولى منذ بطولات عديدة ، تخلو النهائيات من المنتخبات العربية الأسيوية حيث حجزت منتخبات أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية مقاعد القارة الأسيوية في المونديال وعاند الحظ المنتخب البحريني مجددا بعدما لازمته عقدة الملحق الفاصل.
وفشلت منتخبات السعودية وقطر والإمارات وغيرها في انتزاع أي من بطاقات التأهل للنهائيات بينما سنحت الفرصة أمام البحرين باحتلال المركز الخامس في التصفيات الأسيوية بعد دور فاصل مع نظيره السعودي.
ولكن المنتخب البحريني سقط مجددا في الملحق الفاصل مع نظيره النيوزيلندي بطل اتحاد منطقة أوقيانوسيا بعد أربع سنوات من سقوطه بنفس الطريقة أمام المنتخب الترينيدادي صاحب المركز الرابع في تصفيات اتحاد كونكاكاف وذلك في تصفيات مونديال 2006 بألمانيا.
وكانت المنتخبات العربية وكذلك المنتخب الإيراني هي ضحية مشاركة أستراليا في التصفيات الأسيوية وصحوة منتخب كوريا الشمالية.
أما المقاعد الثلاثة الأخرى في النهائيات فكانت من نصيب منتخبات الولايات المتحدة والمكسيك وهندوراس والتي تألقت بشكل لافت للنظر في تصفيات اتحاد كونكاكاف.
وبعد هذه الموجة من الإثارة والمفاجآت ، ينتظر عشاق الساحرة المستديرة مزيدا من الإثارة والمتعة عبر النهائيات.