الشهيد القسامي : معتصم محمد شريف ذياب عبد ربه
شارك في عملية ومعركة "الحساب المفتوح"
خاص ـ القسام:
هناك رجال لا يتركون التاريخ يصنعهم فهم يصنعون التاريخ وبدمائهم يسطرون للعالم اسطع صفحات المجد والبطولة و الفداء والبذل في سبيل الله رجالا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فهم يمضون في طريق ذات الشوكة بل إقدام وبسالة هكذا تربوا علي موائد القسام والياسين .
ميلاده ونشأته
هبت نسائم عام 1982م وحملت في عبقها ميلاد شهيدنا المجاهد (معتصم عبد ربه) الذي ولد في مستشفي الشفاء في مدينة غزة، ليولد مع مولده أسطورة جديدة في تاريخ الجهاد والاستشهاد والثبات والمقاومة.
نشأ شهيدنا –رحمه الله- في أحضان أسرة ملتزمة في مدينة جباليا البلد رباه فيها والده على تعاليم الدين وأحكامه، وأسقته أمه حب الجهاد وعلمته التمسك بالأرض والدفاع عنها، فنشأ فتيا قويا عنيدا لا يفرط في حقه، حاملا البغض والعداء للعدو الصهيوني الغاصب الذي أذاق أهله وشعبه ويلات العذاب ألوانا.
التحق شهيدنا معتصم –رحمه الله- بمدرسة الرافعي في البلدة وتلقى فيها تعليمه الابتدائي، وانتقل بعدها إلى مدرسة"أسامة بن زيد" لدراسة المرحلة الإعدادية، واستمر في مشواره العلمي حيث انتقل إلى مدرسة "عثمان بن عفان" وأنهى فيها المرحلة الثانوية بنجاح، ليلتحق بعدها في جامعة " القدس المفتوحة".
ولقد اتسم شهيدنا-رحمه الله- خلال هذه الفترة التعليمية الناجحة الطويلة بصفات وخصال أكسبته حب الناس له، حيث أنه كان شديد البراءة محبا الخير لكل الناس، وكان بين زملائه في الدراسة حنونا عطوفا، ويجمل أحبابه وأصدقائه بوصفه قائلين"معتصم ... كان نعم الأخ،نعم الصديق والصاحب الوفي المخلص".
ربطت معتصم –رحمه الله- بوالديه علاقة شديدة ورابطة متينة، حيث أنه كان شديد البر بهما، مطيعا لهما لا يعصى لهما أمرا، ويذكر أنه عندما مرض والده –رحمه الله- مرضه الأخير قبل فترة، بقى معتصم بجواره يخفف عنه لمدة 3أشهر قضاها بجواره في مستشفي الشفاء بغزة، في مثال واضح على مدي حبه وتعلقه بوالديه، أما أمه فقد غمرها بحنانه، وغلفها بعطفه ورعايته، فما أن تطلب منه طلبا حتى يسرع ملبيا لها طلبها، ولقد كان كثيرا ما يساعدها في أمور ومشاغل البيت.
وفي عام 2005م التحق شهيدنا –رحمه الله- بصفوف حركة المقاومة الإسلامية –حماس-، حيث التزم في مسجد "أبو الخير" في منطقة سكنه، وأقبل على الله بقلب طاهر مخلص كما يصفه إخوانه، وانكب على كتاب الله يترنم ويتغنى بآياته الجميلة، لينطلق بعدها إلى أهل حيه وجيرانه ينشر بينهم الخير والصلاح ويحضهم على المعروف، وينهاهم عن المنكر، فأحبه الناس حبا جما شديدا لما لمسوا منه من إخلاص وصدق، ولقد كان شهيدنا معتصم –رحمه الله-ملتزما بجميع الصلوات في المسجد ما لم يكن مشغولا ومضطرا، ولقد كان أحرص ما كان على صلاة الفجر التي فيها يتربى المجاهدون وينشأ المخلصون.
كان معتصم –رحمه الله- على علاقة متينة قوية مع رواد المسجد من الكبار والشباب والصغار، لا يفرق بين أحد فيحترم الكبير ويعطف على الصغير، ولقد امتاز نشاطه في المسجد على دعوة الناس واستقطابهم إلى بيوت الله، فكان ضمن اللجنة الدعوية في المسجد.
ولقد شارك معتصم –رحمه الله- في جميع نشاطات الحركة التي تقيمها من مهرجانات وندوات ومسيرات ملبيا لنداء الحق والواجب، ناصرا لإخوانه وداعما لهم في مسيرتهم وطريقهم الطويل.
حياته الجهادية
وفي عام 2005م، وبعد أن أتمت انتفاضة الأقصى المبارك ربيعها الخامس، اشتاقت روح معتصم إلى الجهاد، وتاقت نفسه للقتال والنزال والانتقام من أعداء الله اليهود الذين نكلوا وبطشوا بأهله وشعبه، فأرسل بالرسائل إلى قيادة كتائب القسام في بلدة جباليا يطلب فيها منهم أن يصبح أحد المجاهدين في صفوف القسام، وأمام إصراره الشديدة ورغبته الصادقة وافق القسام على انضمامه وليصبح بهذا أحد جنود القسام في كتيبة "جباليا البلد"، ولينطلق بعدها إلى مواطن النزال يخوض المعارك والمواجهات دونما خوف أو وجل، حاملا بين أضلعه عقيدة متينة وإرادة صلبة تحدى وواجه بها جبروت الطغيان وظلمه، وليتدرج في القسام، وليصبح أميرا لإحدى المجموعات المجاهدة، وبعدها إلى أمير فصيل، ثم أميرا لسرية كاملة من سرايا القسام، وبعدها مسئولا لوحدة الدروع التابعة للقسام في كتيبة "جباليا البلد"، كل هذا حصل عليه بإخلاصه وتفانيه في عمله وجهاده وصدقه مع ربه.
ومن أهم أعمال معتصم-رحمه الله- الجهادية :
• صد الإجتياحات الصهيونية التي تستهدف شرق جباليا.
• الرباط الدوري في الخطوط الأمامية المتقدمة والخطرة، وتفقد أحوال المرابطين والمجاهدين.
• المشاركة في معركة"أيام الغضب القسامية" التي واجهه فيها أهل الشمال الزحف الصهيوني مدة 17 يوما.
• إطلاق العديد من قذائف RPG باتجاه القوات والآليات الصهيونية.
• تفجير عبوات الشواظ والعبوات الأرضية في دبابات وآليات العدو في مناطق الإجتياحات.
• شارك في عملية ومعركة "الحساب المفتوح"، وكان أحد أفراد عملية (فك الأسد) التي أطبق على القوات الخاصة الصهيونية شرق جباليا.
ولقد اتسم شهيدنا "معتصم" –رحمه الله- خلال فترة جهاده بصفات وخصال من أهمها السمع والطاعة، وحمل الأمانة بصدق وعزم، وكان مواظبا على صيام الاثنين والخميس وصلة الأرحام وعيادة المرضى والجرحى، وممازحة الشباب والمجاهدين.
قصة استشهاده
في ليلة السبت الموافق الأول من مارس لعام 2008 زحفت جرذان (أفراد) القوات الخاصة الصهيونية وهي مكدسة ومحملة بعدتها وعتادها باتجاه المناطق الشرقية لبلدة ومخيم جباليا متسترة بظلام الليل الحالك، سارت وسارت طويلا، وهي لا تشعر أن هناك عيونا لا تعرف النوم ترقبها بغضب وحذر، إنها عيون أسود لا تهاب الموت تحمى الشعب، إنهم رجال القسام.
ومنذ بدأ القوات الخاصة الصهيونية لمسيرها وتوغلها وعيون القسام تراقبها بحذر وتستدرجها إلى المصيدة، وبين جبلي (الريس والكاشف) وقعت الجرذان بين فكي الأسد الذي أطبق عليها بعنف وقوة، وبدأت الاشتباكات عنيفة قوية تصم الآذان بين مجاهدي القسام وأفراد الوحدات الخاصة الصهيونية، وكان من بين هؤلاء المجاهدين "معتصم" الذي أبلى مع بقية إخوانه بلاء حسنا، الأمر الذي أوقع في صفوف القوات الخاصة الصهيونية العديد من الإصابات والقتلى، مما دعي وأرغم الجنود الأحياء على استدعاء الطائرات والدبابات والآليات لنجدتهم، ومع وصول الآليات والدبابات والطائرات ازدادت ضراوة المعركة، واشتد وطيسها، فقصف بالطائرات والدبابات بعنف دون إي هدف محدد، ولإطلاق نار ورصاص أصم الآذان، وفي هذه اللحظات رصدت دبابة صهيونية شهيدنا "معتصم" وهو يتحرك من مكمنه، فعاجلته بقذيفة غادرة حاقدة أدت إلى استشهاده وتمزقه على الفور، وليسقط "معتصم" مسربلا بالدم، ساقيا من دمه النازف أرضه العطشى إلى الحرية، وراسما حكاية صمود وتاريخ معركة سيدونها التاريخ في صفحات المجد والكرامة.
وليسدل الستار على عاشق جديد ومهاجر آخر، سار إلى الموت والشهادة متعجل الخطى، ونال ما تمنى شهادة في سبيل الله..مقبلا غير مدبر.. منكلا في عدوه..
...رحم الله شهيدنا وتقبله وأسكنه فسيح جناته...
...وإنا على دربه الذي قضي فيه شهيدا، درب العزة والكرامة والجهاد لسائرون بإذن الله...