الشهيد القسامي / عبد الله نبيل عبد ربه
شهادة في سبيل الله مقبلا غير مدبر
خاص ـ القسام:
لطالما كان أبطال الإسلام على مر العصور يؤثرون الباقي على الفاني ويستبقون إلى الموت إذا كان ذلك يرضي سيدهم ومولاهم – جل وعلا
عُباّد ليل إذا جن الظلام بــهــم *** كم عابد دمعه في الخد مجراه
واُسْدُ غابٍ إذا نادى الجهاد بهم *** هبوا إلى الموت يستجدون لقياه
وأن من هؤلاء الأبطال والأفذاذ من الشباب المسلم الشهيد بإذن الله تعالى "عبد الله عبد ربه " تقبله الله ورفع درجته وأسكنه الفردوس الأعلى بمنه وكرمه , قد كان من هؤلاء الصادقين – نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا , جاهد بنفسه وماله , بل كان حب الجهاد يجري في عروقه , فقبل أن بلغ الحلم وقلبه متعلق بأخبار المجاهدين وعملياتهم ولم يقّر له قرار حتى التحق بركب المجاهدين وكان واحداً من أسود كتائب العز القسامية.
ميلاده ونشأته
ولد شهيدنا المجاهد (عبد الله عبد ربه) في عام 1978م في مستشفي الشفاء في مدينة غزة، وأشرقت مع ميلاده الفرحة والسرور في قلوب أهله وعائلته الذين استبشروا وفرحوا كثيرا بميلاده.
تربى شهيدنا المجاهد(عبد الله)-رحمه الله- في أحضان أسرة ملتزمة في منطقة عزبة عبد ربه يشهد لها أهل الحي وبقية أفراد الهائلة بالخير والصلاح والالتزام، ورباه والده فيها على تعاليم الدين القويم وأنبته نباتا حسنا بعد أن رواه بآيات الله وأخلاق الإسلام، أما أمه فقد علمته حب الأرض والتمسك بها، وأرضعته حليب حب الشهادة وحب المجاهدين.
تعليمه
تلقي شهيدنا المجاهد –رحمه الله- تعليمه الابتدائي في مدرسة (الرافعي) في البلدة، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة (أسامة بن زيد) لدراسة المرحلة الإعدادية، أما المرحلة الثانوية فقد درسها في مدرسة (عثمان بن عفان)، وخلال هذه المسيرة التعليمية الطويلة التي اجتازها (عبد الله) بنجاح، اتصف شهيدنا –رحمه الله- بعدة صفات حميدة، وأخلاق عالية سامية، أكسبته حب الطلاب والمدرسين له، والتي كان أبرزها الأدب والوقار والهدوء والحياء، وكان أيضا خفيف الظل بين الطلاب يمازحهم ويتسامر معهم بكل حب وأخوة وصفاء.
يحترم الكبير والصغير
كان شهيدنا (عبد الله) –رحمه الله- يجيد التعامل مع الناس كما أوصى ديننا الحنيف، فتراه يلقي السلام على جاره، ويحترم الكبير ويوقره وينصت إليه، ويعطف على الصغير ويداعبه ويمازحه، حتي أصبح جميع سكان الحي والعائلة شديدو الحب له والتعلق به لما وجدوا فيه من صفات وخصال مفقودة عند كثير من الناس، ولما لمسوا فيه من صفاء القلب ونقاء السريرة.
وإن كانت علاقة (عبد الله) –رحمه الله- بالناس والجيران بهذه الطريقة وبهذه الخاصية، فإنه بالتأكيد يملك مع والديه علاقة خاصة جدا، حيث كان –رحمه الله- شديد البر بهما والعطف عليهما، فكثيرا ما كان يعين أمه في مشاغل البيت ويلبي لها طلباتها ورغباتها، ويساعد والده في إعالة هذه الأسرة والإنفاق عليها لما كانوا يعيشونه من وضع مادي صعب، فكان –رحمه الله-يبذل جهده ووقته وماله ونفسه من أجل أن يسعد والداه وأن يكسب وينال رضاهما.
التحق شهيدنا عبد الله –رحمه الله- في صفوف حركة المقاومة الإسلامية-حماس- منذ عام 2005م، وبدأ يتلقي عند مشايخها الدروس والدورات الدعوية، التي رشحته بعدها ليصبح من أبناء جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، ولينطلق من بعدها لينشر فكر الإسلام بين الناس ويدعوهم إلى الخير والالتزام بالصلاة وفي بيوت الله.
ولقد كان (عبد الله) –رحمه الله- من الشباب الملتزمين جدا في جميع نشاطات الحركة والتي كانت تنظمها من مسيرات وندوات ومهرجانات، وكان يدعوا الناس للمشاركة فيها.
وفي المسجد أنشأ –رحمه الله- لنفسه علاقات أخوية مع شباب المسجد الذين أحبوه من كل قلوبهم لما وجدوا فيه من لين الجانب وحسن المعاملة وصدق الأخوة، وكان هو أيضا يبادلهم هذا الحب في الله وهذا الاحترام والتقدير، وكان يشاركهم في أعمالهم ونشاطاتهم حيث كان عضوا في لجنة العمل الجماهيري وفي اللجنة الدعوية التي تهدف لاستقطاب الشباب وهدايتهم إلى بيوت الله عز وجل.
حياته الجهادية
التحق شهيدنا طلعت –رحمه الله- في كتائب الشهيد عز الدين القسام في عام 2005م بعد أن قام بإرسال العديد من الرسائل والكتابات إلى قيادة القسام في منطقة جباليا البلد وعزبة عبد ربه، وأمام إلحاحه الشديد وإصراره الكبير وافقت قيادة القسام على انضمامه، وبعدها انطلق –رحمه الله- إلى ساحات الوغى والمعارك يقاتل أعداء الله من اليهود، ويصدهم في كثير من المواجهات ويقف حائطا متينا في وجههم، وأثبت (عبد الله) جدارته في الميدان الأمر الذي رشحه لأن يصبح أحد أفراد الوحدة الخاصة في مسجد أبو الخير، ولم يركن بعدها إلى الدنيا، فهو لم يكن ينظر إلى المناصب والألقاب، بل ازداد بعدها عطائه وجهاده وإقدامه في سبيل الله عز وجل، من أجل نصرة هذا الدين وحماية وتحرير هذه الأرض من دنس الصهاينة الغاصبين المحتلين.
خاض شهيدنا عبد الله –رحمه الله- العديد من المهام الجهادية والتي كان أبرزها :
• الرباط الدوري على ثغور وحدود البلدة، يحرس والناس ويحميهم من غدر اليهود.
• شارك في صد العديد من الإجتياحات والتوغلات التي كانت تستهدف المنطقة الشرقية لبلدة ومخيم جباليا.
• شارك في معركة "أيام الغضب القسامية"، والتي سطر فيها شمال غزة أسطورة في تاريخ الجهاد والمقاومة والصمود في وجه هذا العدو، حيث صمد مدة 17يوما متواصلات برغم القتل والقصف والتدمير، دون أن يستطيع الجنود الصهاينة بدباباتهم وطائراتهم وعدتهم وعتادهم أن يصلوا إلى الأطراف الشرقية لمخيم وبلدة جباليا.
• شارك في تطهير قطاع غزة من أذناب الاحتلال وأعوانه، الذين لطالما قاتلوا وحاربوا المجاهدين.
ولقد كان شهيدنا عبد الله يتصف بصفات عديدة بين إخوانه في الرباط والتي كان من أهمها حبه الشديد للجهاد، وحرصه والتزامه في أيام الرباط وعدم التخلف عنها، والسمع والطاعة لأمراه، وكان –رحمه الله- يشغل وقته أثناء الرباط بالذكر ودعاء الله عز وجل.
قصة استشهاده
بعد أن قامت القوات الخاصة الصهيونية مدعومة بالدبابات والطائرات بالتقدم والتوغل في منطقة (عزبة عبد ربه) شرق بلدة جباليا في ليلة السبت الموافق 1/3/208م، وبعد أن وقعت في فخ المجاهدين من أبناء القسام في عملية (فك الأسد)، وبعد أن اشتدت رحى الحرب والمعركة، وأصبح العدو في تخبط شديد لعجزه عن قنص واستهداف رجال المقاومة، بدأ يضرب صواريخ طائراته وقذائف دباباته بكل جنون في كل مكان ودن هدف، فقتل الأطفال والعائلات ودمر البيوت والمنازل، وأثناء هذا القصف الهمجي، حاول شهيدنا –رحمه الله- التسلل وصد الاجتياح وإطلاق قذيفة باتجاه إحدى الدبابات، لكن هذه الدبابة قامت برصده وأطلقت بسرعة قذيفتها باتجاهه، الأمر الذي أدي إلى سقوطه شهيدا مسربلا بدمائه الطاهرة، وصعدت روحه الطاهرة إلى الجنان مع الحور الحسان –بإذن الله-، ونال (عبد الله) ما تنمي وسعي..
شهادة في سبيل الله مقبلا غير مدبر...
...رحم الله شهيدنا وتقبله وأسكنه فسيح جناته...
...وإنا على دربه الذي قضي فيه شهيدا، درب العزة والكرامة والجهاد لسائرون بإذن الله...