الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فقد ذهب الإمام مالك وأحمد في إحدى الروايتين والطبري وابن المنذر وابن القيم وأئمة آخرون إلى جواز قراءَة الحائض للقرآن وهو المختار، فلم يثبت دليل بالمنـع، والأصـل الجواز وعدم شغل الذمة بدون دليل صحيح . ونحن نعلم أن النساء تحيض ونعلم أن قراءَة القرآن من أفضل القربات وأعلى المقامات، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أمته على قراءَة القرآن، وعلى استذكاره وتعاهده، ولا نعلمه صلى الله عليه وسلم استثنى الحائض من ذلك. وحديث( لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن) ضعيف بالاتفاق؛ رواه الترمذي(131) وابن ماجه(595) من طريق إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم به، وإسماعيل بن عياش ضعيف الحديث عن أهل الحجاز والعراق، وقد روى هذا الحديث عن موسى بن عقبة وهو مدني . قال الإمام البخاري رحمه الله: "إذا حدّث إسماعيل عن أهل بلده فصحيح وإذا حدّث عن غيرهم ففيه نظر"، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: " سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا باطل و أنكره على إسماعي بن عياش " وقال شيخ الإسلام في الفتاوى(21/ 460):هو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث، وقد ذهب إليه بعض الفقهاء فمنعوا الحائض من قراءة القرآن . وقالت طائفة يجوز للحاجة . والصحيح الجواز مطلقاً غير أنها لا تمس القرآن بدون حائل والله أعلم .
2- ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " رواه الترمذي (131) وابن ماجه (595) والدارقطني (1/117) والبيهقي (1/89) وهو حديث ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460) : وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ.هـ . وينظر : نصب الراية 1/195 والتلخيص الحبير 1/183 . 1- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ، وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن ، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء . 2- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن ، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم . 3- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض ، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً ، بخلاف الجنب فإنه مأمور بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة . 4- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت إلى القراءة حال التعليم أو التعلم . قراءة الحائض للقرآن