لعل أهم المتغيرات التي حدثت في مجتمعاتنا العربية عمومًا والمجتمع السعودي بفعل دخول الفضائيات والإنترنت على وجه الخصوص هو الاغتراب.
وقد استعمل مفهوم الاغتراب في العلوم الاجتماعية بمعانٍ عديدة؛ ولكننا نعرِّفه هنا بالعزلة الاجتماعية والنفسية للإنسان في محيطه الاجتماعي الذي يعيش فيه. ويعد الاغتراب من الظواهر التي أوجدتها الثورة الصناعية في الدول الصناعية التي سبقتنا في هذا المجال. وقد تعرض العالم الثالث أو المغلوب على أمره لأشد حالات الاغتراب في العقدين الأخيرين مقرونًا باستلاب ثقافي نتيجة للغزو الفكري المخطط له والمبرمج.
ويتجلي هذا المفهوم بأوضح صوره بعد انتشار الفضائيات المتعدية للحدود والإنترنت التي حطمت الحواجز وتغلبت على كل فنون الرقابة؛ حيث أصبح الفرد على تواصل مع ما يريد من معلومات ومع من يريد من أشخاص ومجموعات في مجتمع افتراضي مكون من أشباه الأشباح.
وبناءً على ذلك، لم يعد الفرد بحاجة إلى محيط مجتمعي فعلي يعيش فيه ويتفاعل معه طالما أنه يستطيع إشباع حاجاته الاجتماعية والنفسية بما فيها العاطفية.
وليس الكبار هم فقط الذين سيواجهون الاغتراب؛ بل حتى الصغار الذين يخضعون لجرعات مكثفة من البث الفضائي البعيد عن قيمهم وتقاليدهم والذين يدمنون استخدام الإنترنت فيما لا يفيد. فهناك من الشباب من يقضي ساعات قد تتجاوز العشر في استخدام الإنترنت، ناهيك عن المتابعة المستمرة للبرامج الفضائية.
وسوف تتأثر الأسرة في بنائها وعلاقة أعضائها بعضهم البعض بهذه الظاهرة الجديدة التي ستبني منظومة قيم جديدة وتحدد وظائف مختلفة للفرد والأسرة. وخطورة هذه الظاهرة أنها ستحدث قطيعة بين الفرد وثقافته وتشكل شخصيته وفق معطيات جديدة. وهذا له أثر بالغ على على منظومة القيم والدين.