إنّ العدوان والغدر في اليهود طبيعة جنسهم وخاصية دمهم وميراث أجيالهم وحقيقة فيهم، لا يمكن إنكارها ولا التغاضي عنها، وهم يعلمون من أنفسهم هذا، ويؤكدون أنّه من أجل أمنهم وطمأنينتهم يقتلون النساء والأطفال في غزة ويجوِّعونهم ويمنعون عنهم الغذاء والدواء، فإذا تجرّأ أحرار العالم على الهبة لنجدتهم وكسر الحصار الظالم عنهم لم يتوان الغدر اليهودي في مدِّ يد العدوان إلى رسل الإنسانية ولو كانوا في المياه الدولية.
لن يستغرب من اليهود مثل هذا الفعل وقد قتلوا رسل الله قبل اليوم، وصدق الله العظيم حين وصفهم بأبشع ما يستحقّون: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدِ الطَّاغُوتِ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل}.
هل يحتاج الرأي العام الدولي إلى حشد المسيرات والمظاهرات المستنكرة لقبيح فعالهم أم يكفينا الله شرّ النكير عليهم وتسفيههم وقد لعنهم على لسان أنبيائهم داود وعيسى بن مريم وغيرهما، {لُعِنَ الّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْن مَرْيَم ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ}.
ولكن أيّها المستضعفون المحاصرون في غزة، وأنتم أيّها الأحرار الّذين قتلتم أو أوذيتم من أجل نجدة إخوانكم، تيقّنوا أنّ عقاب الله آتٍ من السّماء، وأنّه سينفذ بأيدي جند الله المرابطين في غزة.. أليس الله تعهّد بهذا؟ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ}.
ولكن أيُّها المسلمون إذا نعتنا القوم بما يستحقون من الحقارة والسفاهة، ألا ينبغي أن نوجّه اللوم أيضًا إلى أنفسنا ونحن الّذين نسينا الله فأنسانا أنفسنا.
إنّنا ندعو مرارًا أن ينصرنا على بني إسرائيل، ولكن بما ننتصر؟ ترى هل نصر الله أجداد العرب من عاد وثمود؟ ألم يدفنهم في أنقاض مخازيهم ومآسيهم..؟ ترى ما تصنع البشرية بعرب يعيشون للكبر والرفاهية وسوء الأخلاق؟ وماذا تكسب الإنسانية بانتصار عرب ملكوا المال فاستغلوه في خراب الأخلاق والإدمان على الشهوات والتفنن في الملذّات وتحقير القيم الأصيلة؟
إنّ العرب بطريقتهم هذه لا يضربهم اليهود وحدهم، بل تضربهم كلاب الأرض كلّها.
ولن تكون لنا غلبة على اليهود إلاّ إذا كان فينا أمثال صلاح الدين الّذي تشير معطيات التاريخ والحاضر أنّه لن يكون من العرب هذه التمرة أيضًا.
* أيّها المؤمنون، إنّ ما أصاب أمّتنا اليوم من آلام ومحن ليدعونا إلى البحث عن العلاج اللازم وإنّه ليس من بُد إلى علاج طويل ومرّ.
لن تنفعنا المسيرات الهستيرية، ولا الأعمال العشوائية، وإنّما نحن بحاجة إلى قادة ذوي أهداف نبيلة ومربين ذوي ضمائر حيّة.
إنّ اليهود لن يخجلوا أبدًا من مخازيهم، بل لقد قال قائلهم: ''إننا لا نبالي باستياء العالم''. فإذا بلغوا هذا الحد من الوقاحة، هل سيبقى المسلمون صامتين..؟
إنّهم إن فعلوا ذلك فإنّ أطماع بني إسرائيل غير متوقفة عند حدود فلسطين.