عقد معهد الحقوق في جامعة بيرزيت وبالتعاون وبدعم من مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية اول امس الثلاثاء لقاء قانونياً حول "القانون الدولي والصراع حول المياه بين الإسرائيلين والفلسطينين" بمشاركة كل من الدكتور عبدالله أبو عيد والدكتورة مروة داوودي.
وبدأت الدكتورة مروة داوودي اللقاء مرحبة بالضيوف ومعربة عن سعادتها لوجودها في جامعة بيرزيت وأكدت في بداية حديثها على أهمية المياه في حياة الإنسان على إعتبار أنها مصدر رئيسي من مصادر الحياة وأن لكل دولة الحق في إدارة مواردها المائية السطحية والجوفية إستناداً إلى مبدأ السيادة دون أي تدخل خارجي من أي دولة أخرى.
وأشارت د. داوودي إلى أن الصراع على المياه يثور بشكل أساسي في حالة الموارد المائية المشتركة بين أكثر من دولة، حيث يثور التساؤل عن ما لكل دولة من حقوق في استعمال هذه الموارد، وتطرقت في هذا المجال إلى مجموعة المبادئ الدولية التي تحكم هذه الحالة والتي تتمثل في ضمان عدم الإضرار بحق الدول الأخرى في إستعمال هذه الموارد وترشيد إستخدامها، إضافة إلى مبدأ التعاون والتنسيق بين الدول فيما يتعلق بإدارة هذه الموارد والإنتفاع بها.
وتحدثت الدكتورة داوودي عن تطور القوانين الدولية ذات العلاقة بموارد المياه المشتركة، ومنها ما أصدره معهد المياه الدولي من مبادئ وأحكام تحدثت عن مسؤولية الدول المحدودة في إستخدامها لموارد المياه المشتركة، والإستخدام المنصف والعادل لهذه الموارد، إلى أن وصلنا إلى اتفاقية الأمم المتحدة في العام 1997 التي أعطت التفويض لدراسة قوانين المياه والخروج بمعاهدة تنظم حقوق الدول في استخدام الموارد المائية المشتركة مستندة في ذلك إلى مبدأ أن الفائدة في المياه للجميع، وقد كانت هذه أول مرة تتفق فيها الدول بالإجماع على معاهدة تتعلق بالمياه، إلا أن هذه المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ لعدم اكتمال النصاب اللازم في عدد الدول الموقعة عليها، ومع ذلك نجد أن بعض مواد هذه المعاهدة تعتبر عرفاً دولياً تلتزم الدول بإحترامه والعمل به. ومن ذلك نصوص المواد 5، 6، 7 التي تؤكد على الإستخدام العادل والمعقول للمياه المشتركة ووجود معيار مناسب لهذا الإستخدام مع مراعاة عدم الإضرار بالغير.
وتطرقت بعد ذلك إلى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بخصوص المياه وخطوات سيطرة اسرائيل على مصادر المياه الفلسطينية، ففي العام 1967 أصدرت قيادة الحكم العسكري ثلاثة أوامر عسكرية وضعت بموجبها مصادر المياه في الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية، وفي العام 1995 أعطت إتفاقية أوسلو نوعاً من الشرعية للإحتلال في السيطرة على المياه، فنصت المادة 40 منها على إعطاء السلطة الفلسطينية بعض خدمات المياه على اعتبار أن هذه الإتفاقية هي اتفاقية انتقالية لمدة خمس سنوات، وبموجب هذه الإتفاقية أعطي الفلسطيني 1/4 المياه مقابل 3/4 وضعت لإستخدام المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكدت في نهاية حديثها على أن المواطن الفلسطيني يعاني نقصاً كبيراً في موارد المياه، اذ تشتري السلطة ما يقارب 45% من المياه من اسرائيل، إضافة إلى ما تفرضه إسرائيل من قيود مشددة على حفر الآبار في مناطق الضفة الغربية.
وتحدث الدكتور عبدالله أبو عيد عن قضية المياه في اطار القانون الدولي الإنساني وقانون الإحتلال الحربي حيث تطرق إلى أنظمة لاهاي لعام 1907 التي تتألف من 13 معاهدة، وركز على الإتفاقية الرابعة الخاصة بالحرب البرية على اعتبار انها المصدر العرفي الرئيسي في موضوع المياه، إضافة إلى إتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكولين الملحقين بها، مؤكداً على خلو القانون الدولي الإنساني من نصوص مباشرة تنص على موضوع المياه والثروات الطبيعة، وإنما جل ما يحتويه مجرد نصوص غامضة عامة.
وأشار إلى أن حالة الإحتلال ليس من شانها نقل السيادة إلى دولة الإحتلال على اعتبار أنها مرحلة مؤقتة لا تعطي دولة الإحتلال أية حقوق في السيطرة على موارد الإقليم المحتل المادية وثرواته الطبيعة بما فيها المياه، أي أنه لا يكون لسلطات الإحتلال الحربي إفادة دولة الإحتلال وشعبها من موارد الإقليم المحتل وثرواته.
وأكد في نهاية حديثه على أن القانون الدولي الإنساني يفتقر إلى آلية التنفيذ بخصوص مساءلة دولة الإحتلال الإسرائيلي عن انتهاكاتها لقواعد هذا القانون، وأن الحل يكمن في وجود عناصر قوة دولية تعمل على تفعيل أحكام هذا القانون وايجاد آلية لمساءلة كل منتهك لقواعده، كما ويمكن اللجوء للمحكمة الدولية للحصول على رأي استشاري بخصوص حق الفلسطينين في إدارة مواردهم الطبيعية وعدم مصادرتها.