مـنتٍديٍـات شـهٍـداء ال عـبٍـد ربـٍه صــٍالٍـــح


قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) 829894
ادارة المنتدي قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) 103798
مـنتٍديٍـات شـهٍـداء ال عـبٍـد ربـٍه صــٍالٍـــح


قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) 829894
ادارة المنتدي قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) 103798
مـنتٍديٍـات شـهٍـداء ال عـبٍـد ربـٍه صــٍالٍـــح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مـنتٍديٍـات شـهٍـداء ال عـبٍـد ربـٍه صــٍالٍـــح


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصوردخولالتسجيل

 

 قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طفل حزين
.
.
طفل حزين


تاريخ التسجيل : 24/10/2009
الموقع : قوقل
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 365
العمر : 28

قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) Empty
مُساهمةموضوع: قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف)   قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف) Emptyالجمعة مايو 28, 2010 3:53 am


الحمد لله رب العالمين.
صلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ورد في سورة الكهف أربع قصص لم ترد في غيرها.

فالقصة الثانية: قصة الرجلين اللذين أحدهما له هذان البستانان، والثاني الذي نصح أخاه أو صاحبه، وأخلص له

النصيحة، يقول الله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وكأن الثاني ليس له مثله، وإنما هو

يظهر أنه فقير، ولكنه فقير صابر، فقير محتسب على ما أصابه، وأن صاحب الجنتين ممن طغى وبغى، وصدق عليه

قول الله تعالى: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ الجنة اسم للبستان الذي فيه أنواع

الزهور، وأنواع الخيرات، وأنواع النباتات، والذي تكثر فيه الثمار، وتجري فيه الأنهار، وتُرَى فيه الأزهار، ويكثر فيه.

يعني: الثمر الذي من دخله فإنه يجتن فيه يعني: يختفي فيه بحيث لا يراه من كان خارجه. أي: تجنه هذه الأشجار وتظله

وتستره. هذا سبب تسميتها جنة، ومنه سمى الله تعالى جنة الخلد بهذا الاسم، وما ذاك إلا لما فيها من الأنواع التي

تزهر، وتفرح من دخل فيها، وما فيها من النعيم، وما فيها من اللذة.

فالبساتين في الدنيا يتنعم بها، والذي يدخلها ويرى خضرة الأشجار والأوراق، ويرى أيضا أزهار الأشجار وثمارها،

ويرى الأنهار التي تجري من بينها مياه متدفقة وأنهار جارية، وكذلك أزهار في تلك الأشجار وثمار يانعة؛ يتخير منها

ما يأكله وما يشتهيه، هذه تسمى الجنة.

ذكر الله تعالى أن لأحدهما جنتين، يعني: بستانين فيهما من أنواع الأشجار، ولهذا ذكر الله تعالى ما في أحدهما أو ما

فيهما جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ هذا من جملة ما فيهما. أكثر ما يتنعم به النخيل؛ وما ذاك إلا لحسن ثمرها، ولأنه

لا يسقط ورقها، ولأن فيها منافع كثيرة؛ ينتفع مثلا بتمرها كغذاء، وينتفع به كدواء وقوت، وينتفع أيضا بخوصها،

وينتفع بسعفها، وينتفع بكرمها وما فيها، وينتفع بها منافع كثيرة.

وكذلك الأعناب التي هي أيضا من أفضل الأشجار، وما ذاك إلا لحسن ثمرها ولفضله، ولحلاوة ما فيها حلاوة ذات طعم؛

فالأعناب التي هي جمع عنبة؛ يتخذ من ثمرها هذا الشراب، وكذلك هذا الغذاء الذي هو الزبيب، وهذا الفاكهة الذي هو

العنب، وكذلك أيضا أوراقها ينتفع بها.

يقول الله تعالى: وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا أي: فجر الله خلالهما أنهارا أي: في خلال هذه الأشجار وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ

وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا أي: جعل الله تعالى وأنبت بينهما زرعا، والزرع اسم لكل ما يزرع وينبت، وليس خاصا بالقمح، ليس

خاصا بالبر الذي هو زرع. بل يعم كل ما يغرس؛ ولهذا سمى الله تعالى نبات الأرض زرعا في قوله تعالى: فَنُخْرِجُ بِهِ

زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ فسمى جميع النباتات زرعا. والغالب أن الزرع كل ما فيه ثمرة مقصودة، وكل ما فيه

لذة، وكل ما فيه بهجة للناظرين.

فهكذا أخبر الله تعالى بهاتين الجنتين؛ جنتين من نخيل وأعناب: وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا أي: أنهارا جارية، وجعل

خلالهما هذه الأنهار. وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ أي: من أثمار هذه الأشجار. أي: ثمار مقصودة؛ فالنخل فيه ثمر، والعنب فيه ثمر،

والبر ونحوه فيه ثمر، وكذلك بقية الأشجار له ثمر.


يتبع





فقال لصاحبه أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا هكذا افتخر على صاحبه الفقير؛ افتخر بما أعطاه الله،

بقوله أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا أي: أملك ما أملكه من هذه البساتين، وأملك ثمارها، وأملك أنهارها، وأملك أيضا نتاجها

وغلتها؛ فأنا أكثر منك مالا، وهكذا أيضا افتخر بأنه أعز نفرا. يعني: أسرة وقبيلة. يعني: أن قبيلته وفخذه الذي

ينتمي إليه أهل عزة وأهل قوة وأهل منعة، عندهم من الذخائر وعندهم من القوة ما ينتصرون به على غيرهم. يفتخر

بقومه، ويفتخر بماله.
وهذا الافتخار يحبط الأعمال؛ وذلك لأنه لم يسند الأمر إلى الله، ولم يعترف بفضل ربه، ولم يشكر الله تعالى على ما

أعطاه وخوله، ولم يقل: هذا من فضل ربي، كما حكى الله تعالى عن سليمان لما تمت عليه النعمة اعترف بأنها من الله،

فقال هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ .

فهكذا يكون العارفون بالله؛ يعترفون بأن ما أعطاهم الله فإنه ليس دليلا على كرامتهم، وإنما هو للابتلاء والامتحان؛

هل يشكرون أم يكفرون، هل يعترفون بفضل الله عليهم، ويستعينون بما أعطاهم الله من زهرة الدنيا وزينتها،

يستعينون به على شكر الله، وعلى ذكره، وعلى حسن عبادته، وعلى أداء حقوقه التي أعطاهم، والتي خولهم؛ أم

يصرفونها فيما يسخط ربهم، يصرفونها فيما هو كفر وضلال؛ يبعدهم عن الله تعالى. فالذين إذا أعطاهم الله، ووسع

عليهم من الدنيا، ومن زينتها، وزهرتها اعترفوا بأن الفضل فضل الله، وأن النعمة منه، وأن ما أعطاهم ليس دليلا على

كرامتهم، وإنما هو لابتلائهم واختبارهم؛ فهؤلاء هم السعداء.
وأما الذين إذا أعطاهم الله من زهرة الدنيا وزينتها، افتخروا على غيرهم، واستعانوا بما أعطاهم ربهم على المعاصي،

وعلى المخالفات، وكفروا نعمة الله، وأشروا وبطروا، وتحكموا فيما أعطاهم ربهم، واستعانوا به على معاصيه؛ هؤلاء

من الذين كفروا نعمة الله، قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ بدلوا نعمة الله. أي: بدلوا شكرها.
بدل ما يعترفون بفضل الله عليهم، وبدل ما يشكرون الله على ما أعطاهم، افتخروا بأن هذا دليل كرامتهم، وبأنه دليل

شرفهم، وبأنهم أهل الثروة وأهل القوة وأهل العزة وأهل المنعة؛ فنسوا أن هذا ابتلاء وامتحان. ورد في حديث: إن

الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من أحب .
صحيح أن الكثير من الناس يعطيهم الله تعالى الدنيا، ومع ذلك يصرفونها في معاصي الله، ويستعينون بها على

مساخطه؛ أشرا وبطرا، وتكبرا وإعجابا بأنفسهم، وكفرا لنعمة ربهم، وقد حكى الله تعالى عن مشركي العرب أنهم لما

دعوا إلى الإسلام، ورأوا أن المؤمنين فقراء وأذلة، افتخروا وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ .

هكذا افتخروا بكثرة أموالهم وبكثرة أولادهم، وبعزتهم وقوتهم، وبنشاطهم في أمور دنياهم، وظنوا أن هذا يقربهم،

وأنه ينفعهم؛ فرد الله عليهم وقال: وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ .
فأخبر بأن أموالكم لا تنفعكم، ولا تفيدكم عند الله، ولا تقربكم إلى السعادة، ولا تقربكم إلى رضا الله تعالى، ولا تنفع

الأموال والأولاد إلا من استعان بها على طاعة ربه؛ استعان بها على ما يقربه إلى الله؛ وإلا فمتاع الدنيا ليس يفيد مالكه.

متاع غرور لا يدوم سروره، وأضغاث حلم خادع بهبائه.
يعني: أن الله تعالى مثل هذه الدنيا ومتاعها: بالهباء المنثور، في قوله تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ

الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ثم ضرب لها مثلا بقوله: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ

ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ .
فهكذا مثل الحياة الدنيا بأنها متاع الغرور، وأخبر بأنها زينة ومتاع عاجل، أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ

بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وهذا ما قص الله علينا في هذه القصة أن هذا الرجل افتخر بما أعطاه الله.

وقد حكى الله تعالى عن قارون الذي هو أحد أفراد بني إسرائيل وأقارب موسى عليه السلام، أنه أعطاه الله تعالى

أموالا طائلة، قال تعالى: وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ يعني: مفاتيح خزائنه يعجز عن

حملها جماعة من الناس. المفاتيح التي تفتح بها تلك الخزائن يعجز عن حملها عصبة من الرجال الأقوياء.

ومع ذلك افتخر لما نصحه قومه، وقالوا له: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ أي: لا تفرح فرح أشر وفرح بطر، بل اعترف

بفضل الله، ولا تفرح إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ وقالوا له: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ أي: ما أعطاك الله قدمه

لآخرتك، حتى ينفعك عند الله تعالى؛ اصرفه فيما يعينك على رضا الله تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ

نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا أي: تمتع من الدنيا بما أباح الله تعالى لك.

فماذا كان جوابه؟ جوابا دليلا على الجهل، بقوله: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أي: ما أعطيت هذا المال إلا لأجل حظي،

فاعتقد أنه ذو حظ، وأنه ذو تجربة وعلم وفكرة، وغبطه أيضا الذين يريدون الحياة الدنيا، وقالوا: يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا

أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ اعتقدوا أن ما أعطيه من هذه الزينة وهذه الأموال دليل على كرامته؛ ولكن الله تعالى

عاقبه لما افتخر بما أعطاه الله. يقول تعالى: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فهكذا في هذه القصة، افتخر هذا الرجل

وقال: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا هذا ما حكاه الله عنه.


يتبع





قال الله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ أي: دخل إحدى الجنتين، أو دخل كلتا الجنتين اللتين آتَتْ أُكُلَهَ

ا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا كل واحدة من الجنتين آتت أكلها. يعني: ثمرها، وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا أي: لم تُخْفِ شيئا من ثمارها،

بل أينعت ثمارها، فدخلها وهي ذات ثمار، وذات أشجار وأنهار وأزهار؛ فعند ذلك: افتخر،

وقال: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ظنه هذا ظن خاطئ؛ وذلك لأنه نسي قدرة ربه؛ الذي أعطاه، والذي مكنه، نسي أن

الذي أعطاه قادر على أن يسلبه ما أتاه، نسي أن هذا ابتلاء وامتحان، نسي أن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب،

ولا يعطي الدين إلا من أحب ؛ فكان آثار هذا النسيان أن افتخر بما آتاه الله، وقال: مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا يعني:

أن تفنى وتضمحل.
ثم جاء بطامة أخرى بقوله: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً إنكار للدار الآخر؛ إنكار لقيام الساعة؛ إنكار للبعث بعد الموت،

وكأنه يدعي أنه يخلد في جنته وفي بستانه، وأنها تبقى له دائما مزهرة لا تتغير، وأنه لو بعث لحصل على خير منها
.
فلذلك قال: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً إنكار قيام الساعة كفر ؛ من كَذَّبَ بها فقد كفر؛ وذلك لأن الله تعالى أخبر بقيام

الساعة، وخبر الله خبر يقيني، فأقسم عليها في ثلاثة مواضع في قوله تعالى: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ

لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ أقسم بأن ما أخبرهم به فإنه حق، أمره بأن يحلف بربه.
وكذلك قال تعالى في موضع آخر: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ أقسم، أو أمره بأن

يحلف بربه أنها سوف تأتيه هذه الساعة. يعني: قيام الساعة، الذي نفاها هذا الرجل بقوله: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً
.
كذلك قال الله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

ففي هذه المواضع أقسم الله بأن الساعة قائمة، وهذا الرجل يقول: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً أنكر قيامها، والمراد بقيام

الساعة أن يبعث من في القبور، أن يبعث الله الأموات، ويعيد إليهم الحياة، ويحقق لهم ما وعدهم من الثواب على

الحسنات، ومن العقاب على السيئات؛ فالذين ينكرون قيام الساعة يكذبون خبر الله تعالى. ومن كذب بالبعث كفر

ويقول: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً .
ثم قال: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا كأنه يقول: لو قُدِّرَ أنني بعثت، ورجعت إلى ربي؛ ليعطيني خيرا

منها، وكأنه يدعي أن من أعطي في الدنيا فإنه يعطى في الآخرة. ولا شك أن هذا من الخطأ الواضح؛ فليس كل من

أعطاه في الدنيا يكون دليلا على كرامته بل يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الآخرة إلا من أحب. وقد أخبر

النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الدنيا تافهة وما عليها؛ فيقول -صلى الله عليه وسلم- لو كانت الدنيا تعدل عند الله

جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء .

لكنهـا واللـه أحقـر عنـده

من ذا الجنـاح القاصـر الطـيران

أي: هذه الدنيا من أولها إلى آخرها حقيرة مهينة عند الله، أحقر عند الله من جناح بعوضة. لا تعدل ولا تساوي جناح

بعوضة. ما فائدة الجناح، وما ثمنه، وهل له قيمة؟ لو كانت الدنيا تعدل -تساوي- جناح بعوضة ما أعطى منها الكفار؛

وذلك لأن الكفار كفروا بنعمة الله، وجحدوا ربوبيته وألوهيته؛ فكان جزاؤهم أن يحرموا من لذة الدنيا، ولكن الدنيا

حقيرة فقيرة، ورد ما يدل على أنها حقيرة عند الله. قال الله تعالى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ

بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا

مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ .
أخبر بأنه لولا أن الناس يكونون كلهم كفار، يخرجون من الملة؛ لمتعنا أهل الدنيا بمتاعها، وجعل لبيوتهم سقفا. أي:

سقفها التي هي الصبات التي فوقها من فضة لجعلنا لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ أي: سقف البيت هو أعلاه؛ أن تكون كلها

من فضة ومعارج. أي: درجا من فضة أيضا: عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا أي: من فضة، وَسُرُرًا السرر: جمع

سرير، وهو الذي ينام عليه، أو يجلس عليه. عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفًا أي: ذهبا لولا أن الناس يكونون أمة على طريقة

واحدة؛ لجعل الله للكفار هذه الأشياء، ثم قال تعالى: وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أي هذا كله متاع الدنيا: متاع غرور.
يعني: كما قال تعالى: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ هكذا أخبر بأنه لا حَظَّ لهم في الآخرة، إنما الحظ في الآخرة

للمتقين وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ .
فهكذا هذا الرجل الذي يقول: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا أي: ليعطيني خيرا

من هذه الجنة؛ فإنه يدعي أن هذا حظه، أنه ذو حظ عظيم؛ لما أعطي هذه الجنة، لما أعطي هذا المتاع وهذه الزينة

وهذه الزهرة ظن أن ذلك دليل كرامته؛ فقال: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ يعني: عند ربي خيرا من هذه الجنة منقلبا
يتبع





وبعدما حكى الله تعالى هذا القول عنه، حكى قول صاحبه؛ الذي هو مؤمن موحد، والذي هو موقن بأن ما

عنده فهو من الله، وبأن ما أصابه فهو من الله. يقول الله تعالى: قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ

تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا كفره بالله هو قوله: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً هذا كفر؛ وذلك لأنه إنكار خبر الله.

كذلك أيضا جزمه بأنه ذو حظ عظيم. أي: أنه ذو حظ وأنه ما أعطي ذلك إلا لكرامته، هذا أيضا دليل على كفره.

كذلك أيضا افتخاره بقوله لصاحبه: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا نسي أن المال والنفر لا يغني عن الإنسان في الآخرة.

نسي أن الله تعالى إذا بعثه يتبرأ منه أقاربه؛ كما قال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ

امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ أي: كل منهم مشتغل بنفسه، نسي ذلك كله؛ فكان هذا كفرا، وكذلك أيضا لا بد أنه يدعو

غير الله، وأنه يشرك بربه، كما سيأتي في هذه القصة.
اعترافه بأنه مشرك. أي: قد أشرك بالله تعالى، فصاحبه يقول له: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ يذكره بمبدأ خلقه؛ فإن في

هذا موعظة وذكرى، موعظة عظيمة أن الإنسان يتذكر مبدأ أمره. يقول: ألست كنت في بطن أمك نطفة؟ ألست كنت

نطفة خرجت من صلب أبيك، واستقرت في رحم أمك؟ هذه النطفة نطفة مذرة.
ألا تتذكر: أن ربك هو الذي صور هذه النطفة في الرحم إلى أن خرجت إلى أن خرج إنسانا سويا، خلقك من نطفة أي:

مبدأ أول أمرك، أو خلق أباك من تراب، فيذكره بأن آباه الذي هو آدم أبو البشر خلقه الله تعالى من تراب، ثم خلق بنيه

كلهم من هذه النطفة؛ التي هي نطفة مذرة، يعني: جزء أو شيء يسير من هذا المني الذي يخلق منه الإنسان، كما قال

تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا أي: أخرجك طفلا ورباك، وحنن عليك
أبويك، ويسر لك الرزق.
يتذكر الإنسان أول أمره أنه في بطن أمه ليس له إلا رزق واحد، وهو أنه يتغذى بالدم الذي هو دم الحيض، يتغذى به

وهو جنين في بطن أمه؛ عناية الله تعالى بالجنين في رحم أمه. فإذا خرج إلى الدنيا جعل الله له بابين من الرزق، وهما

الثديان اللذان يطلق الله تعالى منها له رزقا يتغذى به.
فإذا فطم وترك الرضاعة جعل الله تعالى له أربعة من الأغذية: طعامان، وشرابان، أما الطعامان: فاللحوم طعام، والبقية

من الأطعمة؛ الحبوب، والثمار، ونحوها. يعني: طعام من اللحوم، التي هي بهيمة الأنعام، وطعام مما تنبت الأرض، مما

جعل الله تعالى فيه رزقا. وشرابان؛ الشراب الأول ما يؤخذ من الألبان؛ التي يسر الله تعالى وسخرها، والشراب الثاني؛

ما يسره من بقية الأشربة من المياه، والنباتات، وما أشبهها.

عناية الله تعالى بك أنه خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم سواك رجلا، وأنعم عليك، وأعطاك ما أعطاك. أتنسى فضل

الله تعالى عليك ولا تعترف بما أعطاك؟!.



اخى القارئ نرجو منك اضافة رد


وشكراّ لكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة صاحب الجنتين (سورة الكهف)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  لماا نقرا سورة الكهف يوم الجمعة
» لا تنسوا قراءة سورة الكهف الليلة [ لا تحرم نفسك الأجر والثواب ]

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـنتٍديٍـات شـهٍـداء ال عـبٍـد ربـٍه صــٍالٍـــح :: منتديات شهداء ال عبدربه صالح :: منتدى الأسلامى-
انتقل الى: